ذكره الخرائطي في الهواتف، من طريق عبد اللَّه ابن العلاء، عن الزهري، عن عبد اللَّه بن الحارث، عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال: لما توجّه رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) يريد مكّة في عام الحديبيّة قدم عليه بشر بن سفيان العتكيّ فسلم عليه، فقال له: «يا بشر، هل عندك علم أنّ أهل مكّة علموا بمسيري»؟ فقال: بأبي أنت و أمي يا رسول اللَّه! إني لأطوف بالبيت في ليلة كذا. و سمّى الليلة التي أنشئوا فيها السفر- و قريش في أنديتها، إذ صرخ صارخ في أعلى أبي قبيس بصوت أسمع قاصيهم و دانيهم يقول:
سيروا فصاحبكم قد سار نحوكم* * * سيروا إليه و كونوا معشرا كرما
[البسيط] فذكر أبياتا، فارتجّت مكّة، و اجتمعوا عند الكعبة، فتحالفوا و تعاقدوا ألا تدخلها عليهم. فقال النبي (صلى اللَّه عليه و سلّم): «هذا شيطان الأصنام يوشك أن يقتله اللَّه».
ثم ذكر إرساله إلى مكّة يتحسس أخبارهم، و ذكر بقية القصّة.
و أما البخاريّ و ابن حبّان و ابن السّكن و تبعهم غير واحد، فقالوا: بشر بن عاصم، و منهم من قال الثّقفيّ، و منهم من قال بشر بن عاصم بن سفيان. و هذا الأخير وهم، فإن
[1] أخرجه أحمد في المسند 2/ 229، 3/ 460، و ابن أبي شيبة في المصنف 4/ 21، و الطبراني في الكبير 19/ 97، و الهيثمي في الزوائد 3/ 207 و قال رواه الطبراني في الأوسط و فيه عبد اللَّه بن عمر بن يزيد الأصبهاني و لم أجد من ترجمه و بقية رجاله ثقات و ابن عدي في الكامل 5/ 1698، 6/ 2396.
[2] كراع: بالضم و آخره عين مهملة. كراع الغميم، موضع بالحجاز بين مكة و المدينة أمام عسفان بثمانية أميال و هذا الكراع جبل أسود في طرف الحرّة يمتد إليه. انظر: مراصد الاطلاع 3/ 1153.
[3] ضجنان: بالتحريك و نونان: جبل بتهامة و قيل: جبل على بريد من مكة و هناك الغميم و قيل: بين مكة و ضجنان خمسة و عشرون ميلا و هي لأسلم و هذيل و غاضرة. انظر: مراصد الاطلاع 2/ 865.